تمكن علماء الحيوان من إثبات أن خطوط جسم الحمار الوحشي ليست للتمويه والاختفاء من الحيوانات المفترسة، بل تمنع الذباب من لدغه.
ويقول تيم كارو من جامعة بريستول البريطانية في مقال نشرته مجلة “PLoS One”: “يطير ذباب الخيل بالقرب من الخطوط أو يصطدم بها، وهذا عمليا لا يحدث عندما يحوم حول الخيول. وبفضل هذا، نادرا ما يحط الذباب على جسم الحمار الوحشي مقارنة بالحمير المدجنة”.
ويحاول علماء الطبيعة والفيزياء وحتى الرياضيات منذ أكثر من قرن ونصف معرفة كيفية ظهور هذه الخطوط على جسم الحمار الوحشي، وبعض الحيوانات الأخرى، وما هي فائدتها وما العمليات الخلوية التي تتحكم في تشكيلها.
من وجهة نظر الرياضيات، ظهر أنها ذات بنية بسيطة جدا. ووفقا لما اكتشفه، آلان تورينغ، في منتصف القرن الماضي، تظهر هذه الأشرطة على أجسام الحمير الوحشية والنمور، والبقع على جلد النمور، بفضل وجود مادتين كيميائيتين في أجنتها، تنتشر على كامل الجنين وتتفاعل مع بعضها. ويولد الاختلاف في سرعة انتشارها “البقع” و”الشرائط” ويتحكم في توزيعها في جسم الحيوان لاحقا. وبطريقة مماثلة، يمكن أن تنمو أشكال أخرى في جسم الحيوانات والإنسان، بما فيها عدد الأصابع في اليدين والقدمين.
من جانب آخر، يقول كارو، يبقى الغرض من هذه الأشرطة موضع جدال عنيف ومستمر بين علماء الحيوان، حيث يعتقد بعضهم أن الحمار الوحشي يستخدم هذه الخطوط للتمويه و”الاندماج” بالطبيعية المحيطة والاختباء عن عيون الحيوانات المفترسة. أما البعض الآخر، فيعتقد أن هذه الأشرطة تساعدها في تبريد أجسام الحيوانات أو التواصل مع بعضها.
أما العلماء البريطانيون، فلديهم وجهة نظر مختلفة، حيث يعتقدون أن هذه الأشرطة يمكنها منع ذباب الخيل وحشرات أخرى لديها عيون بدائية من تحديد المسافة التي تفصلها عن جسم الحمار الوحشي وسرعة حركته.
ومن أجل التأكد من وجهة نظرهم، راقبوا تصرف الحشرات عند اقترابها من ثلاثة حمير وحشية وسبعة خيول مختلفة الألوان في اصطبل خاص، في بلدة دندري جنوب غرب بريطانيا.
وركز العلماء اهتمامهم على أمرين: مسار الحركة وتردد لدغات ذباب الخيل، وأيضا كيف تفاعلت معها جميع الحيوانات. ومن أجل ضمان نقاء التجربة، غطى العلماء أجسام بعض الخيل بـ “معطف” مخطط مثل الحمار الوحشي، وجعلوا رائحة هذه الخيل لا تختلف عن رائحة الحمير الوحشية.
واتضح أن الخطوط أربكت الحشرات كلما كانت تقترب من الحيوانات وتحاول أن تحط عليها. كما أن ذباب الخيل لم يقدر المسافة إلى الحمير الوحشية والخيل بالمعطف، لذلك كان يصطدم بها. نتيجة لهذا كان ذباب الخيل يلدغها أقل من لدغها الخيول البيضاء والسوداء.
وعلى الرغم من وجود هذه الخطوط على أجسامها، كانت الحمير الوحشية تلاحظ اقتراب الذباب وتحاول التهرب منه، مقارنة بالخيول الاعتيادية.
ويعزو العلماء هذا إلى أن ذباب الخيل الإفريقي والحشرات الأخرى، تنقل أمراضا كثيرة وخطرة مقارنة بذباب الخيل الأوروبي، وهذا يجعل الحمير الوحشية أكثر انتباها وحذرا من لدغاته.
المصدر: نوفوستي
التعليقات